هل الأمهات معرضّات للأمراض النفسية أكثر من غيرهم؟‎

10 أكتوبر | اليوم العالمي للصحة النفسية

تتعرض الأمهات للعديد من الضغوط النفسية و الاجتماعية والأسرية والتربوية أيضًا! 

هل هن معرضات أكثر للاصابة بالأمراض النفسية نظرًا لكثرة التحديات التي يواجهونها باستمرار؟ أم أن كونك أم يعفيك من كل ذلك فأمومتك قدرة خارقة تغرس فيك حب صغارك، ومقاومة كل الضغوط النفسية لتتمكني من تقديم الرعاية لصغارك بشكل مستمر …. 

في QiDZ دائمًا أنتِ الأم المهمة، ويعنينا توفير كل مايفيدك من مصادر لتكوني الأفضل لصغارك ولنفسك.. نعرّفك اليوم بـ وفاء خالد، تعرّف لنا وفاء نفسها بأنها أم، عاملة ، وتملك العديد من الهوايات.. و تقرر أن يكون تعريفها الفريد: انسانة تحاول أن تكون على الجانب الخيّر في الحياة.. 

لـ وفاء رحلتان نتطرق لهما اليوم، الأمومة و الاكتئاب.. 

أهلًا وفاء، حدثينا عن نفسك وعائلتك.

أنا أم لأربعة لم يعد نصفهم أطفالا، فاثنين منهم في سنينهم الجامعية الأولى والثانية.  واثنين لازالا في المرحلة الابتدائية بالصف الرابع والسادس.

كل منهم يبهرني بطريقته.

رهف الأكبر بينهم، ودائما ما تفاجئني بفطنتها وذكائها.

عبدالعزيز الثاني، الذي لا يتوقف عن تطوير نفسه، والذي يشاركني بعض هواياتي مما يجعله صديقي المقرب.

لين، في الصف السادس. وفي كل نقاش معها أرى فيها شخصية عامة عظيمة. فمنطقها المتسلسل ونظامها اللغوي الواسع يمكنها أن تصبح محامية أو كاتبة أو حتى متحدثة عامة لجهة رسمية.

خالد، الأصغر. يفرض علينا أن ندللـه، محب للقراءة. ورغم انطوائيته النسبية، إلا إنه دائما يكوّن علاقات عميقة مع من يقربهم له. والمعلومات التي يتعلمها ثم ينقلها لي، تثريني دائما.

وأنا أيضا زوجة لرجل كان هو السند والصديق. يؤمن بقدراتي أكثر مني ويدفعني دوما لأتقدم وألا أتوقف عن الحلم والطموح.

ما هي أكبر التحديات النفسية التي تواجه الأمهات اليوم؟

التحدي الأكبر هو في رمي الصورة النمطية للمرأة الناجحة في القمامة.

حُفرت في عقولنا صورة غريبة للمرأة. تطلب منها أن تكون كل شيء وكل دور.

في مجتمعنا، يتوقع من الأم أن تكون الوقود الذي يغذي العائلة كي تكبر وتنمو بقوة وصحة. متناسين أن الوقود يفنى.

لذا في رأيي، أكبر تحدٍ نفسي تواجهه الأمهات اليوم هو أن ترضى عن نفسها. وأن تتفادى مقارنة نفسها بالصورة النمطية غير الواقعية. وأن تتذكر أنها ليست الوقود لعائلتها، بل المحرك الذي بالتعاون مع والد الأبناء يدفعهم للتقدم والإنجاز.

هل تعتقدين أن مشاكلنا النفسية الحالية كـ أمهات مختلفة عن مشاكل أمهاتنا؟ وكيف؟

لابد أن كل الأمهات في كل الأزمان تشاركن مشكلات نفسية عديدة. ولو راجعنا الشعر القديم والروايات التاريخية سنستطيع الإحساس بمشاعر الأمهات في تلك الأزمان كوننا نعيشها أيضا.

قد يكون الاختلاف الآن في أن الأمهات في هذا الزمن لا يسمح لهن العرف بطلب المساعدة. ويطلب منها أن تكون امرأة خارقة. وهذا لم تعشه أغلب الأمهات في الأزمان القديمة. فقد كانت العائلة الممتدة في غالب الأحيان تعيش في منزل واحد أو منطقة واحدة ما يجعل تربية الأبناء وأعمال المنزل مهمة مشتركة بين كل سيدات العائلة وهذا يقلل الضغط عليها.

متى عرفتي بإصابتك بـ الاكتئاب؟ قبل أو بعد الأطفال ؟ و كيف أثر ذلك على حياتك الأسرية مع الأطفال وحالتك النفسية؟

رافقني الاكتئاب منذ الطفولة. لم أكن أعرف لهذا الشعور اسمًا. وعندما كبرت وقرأت وتعرفت عليه بدأت في محاولات مساعدة نفسي بطرق متعددة. كالرياضة والانشغال والقراءة عن طرق للتعامل معه. في الفترة التي قررت بها الزواج كانت حالتي النفسية جيدة. وظننت أنني تخطيته للأبد.

لكن التغييرات الكثيرة والحياة الجديدة فتحت الباب لطرق جديدة يدخل منها الاكتئاب إلى نفسي. وبدأت بمرحلة جديدة من التأقلم مع هذه المشاعر ومعالجتها.

أكثر ما ضايقني في تلك الفترة الانتقالية، هو تخدر مشاعري، سواء الجميلة أو السيئة. كنت أرى ضحكات أطفالي وأعرف أنها لحظات سعيدة، لكن الشعور لم يتخطَ عقلي ليصل إلى قلبي. العلاج النفسي المستمر ساعدني في العودة إلى حالتي الطبيعية. لكنها كانت فترة صعبة علي.

هل تعتقدين أن الأطفال قد يكون لديهم استعداد جيني للاكتئاب أيضًا؟ وكيف يمكن للأمهات مساعدة أطفالهن في التعامل مع التحديات النفسية إذا كانوا معرضين لها؟ وهل يوجد أي احترازات أو اجراءات تقومين بها شخصيا لرعاية أطفالك وضمان قدرتهم على التعامل مع الضغوط اليومية لتقليل احتمالية تعرضهم للاكتئاب؟

لست متخصصة، لكن ربما، كل ما على الأمهات عمله هو تثقيف أنفسهن وعمل أفضل ما تستطيع بناء على معرفتها وإحساسها.

وإن واجه أحد الأبناء بدايات الاكتئاب، الذي لابد أنها تعرفه جيدا، فلتشجعه للذهاب إلى المختصين مبكرا. وبناء قاعدة كبيرة من الحيل الدفاعية في وقت مبكر يساعد على تأجيله أو إنهائه مبكرا.

شخصيا، أحاول دائما أن أستمع لهم عندما يتحدثون عن مشاعرهم للانتباه إلى أي مؤشر لبدايات الإكتئاب والقلق. وتطبيع موضوع الذهاب إلى الطبيب النفسي. وعدم إخفاء الأمر عنهم. كي أسهّل عليهم الطريق لطلب المساعدة عند حاجتهم.

كيف تتمكنين من التنسيق بين الاعتناء بصحتك النفسية و دورك كـ أم، وموظفة، وزوجة وابنة.. وغيرها من أدوار؟

لابد أن أعترف لنفسي أنني سأكون مقصرة في أحد هذه الأدوار. وإن كان ولابد أن أختار دورا معينا أقصّر فيه. فقد اخترت التقصير في دوري كربة منزل ممتازة.

لا يعني هذا أنني لا أحاول، لكنني أتصالح مع فكرة تقصيري في هذه الجهة كي أستطيع أداء الأدوار الأخرى.

هل تعتقدين أن الأمهات معرضات للاصابة بالأمراض النفسية أكثر من غيرهم؟ مثلًا تغيير الهرمونات الناتج عن الحمل والولادة والناتج عنه بنسب عالية اصابتهم باكتئاب ما بعد الولادة والذي قد يستمر لاكتئاب مدى الحياة مالم يتم أخذ الاجراء اللازم وتقديم الدعم المناسب لهن.

لا أعلم، لكن وجود الدعم النفسي لكل شريحة من شرائح المجتمع مهم جدا. والتدخل المبكر قطعة مهمة من الحل غالبا ما يتم إهمالها.

ماهي النصائح التي تودين تقديمها للأمهات الذين يواجهون مثل هذه التحديات؟

اطلبي المساعدة. طلب المساعدة في هذا الزمن شجاعة كبيرة وقوة عظيمة.

تذكري أنك لو كنتِ في الطرف المقابل وطلبت أم أخرى منك المساعدة لفرحتِ وساعدتها بصدرٍ رحب.

هل تشكّل الأعياد والمناسبات الاحتفالية ضغطًا خاصًا من نوعه عليك؟ وكيف يمكنك التعامل معها مع الأخذ بالاعتبار أهمية مشاركة الأطفال في هذه المناسبات؟

نعم، لا أكرهها لكنها مرهقة جدا، أجهز نفسي لهذه المناسبات مبكرا جدا. وأذهب بنية احتساب الأجر وصنع الذكريات الجميلة لأطفالي. مما يخفف العبء

هل تعتقدين أن الصحة النفسية في مجتمعنا السعودي تم توليتها الاهتمام اللازم؟ أو لا زال المشوار طويل للتوعية؟

مجتمعنا واعٍ جداً في أغلبيته. مشكلتنا الحالية ليست في تقبل المجتمع ولكن في عدد المختصين القليل ومواعيدهم البعيدة.

هل يوجد مصادر أو مواقع تنصحين بها الأمهات اللواتي يبحثن عن معلومات موثوقة حول الصحة النفسية وكيفية التعامل مع ضغوط الحياة، وكيف ومتى يتوجهن للدواء العلاجي؟

المصادر كثيرة وتبدأ من المواقع الرسمية للأبحاث والدراسات. ولا تنتهي.

التوجه للعلاج الدوائي أمر تقرره هي والطبيب المعالج ولا يمكن وضع خط معين إن وصلته يعني أنها قد وصلت للحلول الدوائية.

توجد فكرة متداولة أن الأدوية النفسية تؤثر على الحمل والأجنة وتسبب مشاكل لهم، ما رأيك؟

من الطبيعي القلق من هذه الناحية، شخصيا، فضّلت الابتعاد عن الأدوية بأنواعها قبل الحمل وحتى الفطام.

صحيح أنها لم تكن فترة سهلة لكن الاستمرار في العلاج النفسي السلوكي والدعم من زوجي كان يجعلها أسهل.

نسمع حولنا وبشكل مستمر أمهات يتعرضن لـ moms-shaming سواءً من أمهات أخريات، أو غيرهم، ويكررون ان الأمهات بطبيعة الحال معرضات لجميع هذه الضغوط ( ودامك خلفتيه قومي فيه ) ايش تعليقك؟ وكيف نقدر نتجاوز هذه التعليقات السلبية ونقدم لأنفسنا الرعاية اللازمة ونتوجه للدعم النفسي والأسري السليم بدون الشعور بالذنب؟

الشخص الوحيد الذي يجب أن يشعر بالإحراج والنقص في هذا الموقف هي الأم التي توجه هذه الانتقادات وليست تلك التي تلقتها.

الشعور بالذنب شعور سيبقى في أعماق كل أم. فنحن نريد لأطفالنا أفضل ما يمكن للعالم تقديمه. لكن الواقع يفرض علينا حدا معينا لما يمكننا الوصول له.

التسامح مع الذات مهم جدا لإسكات هذا الشعور، وتذكري أنك اتخذتِ أفضل قرار في كل مرحلة بناء على معرفتك وخبراتك في حينها. وإن عرفتِ شيئا أفضل الآن فهذا لا يعني أنك أذنبتِ في الماضي.

أما تلك التي توجه لك هذه الانتقادات، قولي لها “انشغلي بنفسك وأبنائك، ودعيني انشغل بنفسي وأطفالي”

في نهاية المقابلة، هل لديك أي نصيحة أخيرة تودين مشاركتها مع الأمهات اللواتي يواجهن تحديات مماثلة؟

اهتمي بأم أطفالك، حبك لهم يتطلب منكِ أن يمتد حبك لها.